بينما يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة مازال الصحفيون في مناطق النزاع حول العالم سيما في سوريا يعيشون الخوف من الكلمة وحرية التعبير، وعلى مدى أكثر من عقد مضى دفع العديد من الصحفيين حياتهم جراء عملهم بتوثيق الحقيقة ونقلها للعالم إذ قضى 770 صحفياً في سوريا منذ العام 2011 وحتى العام 2022 حوالي 91% منهم قُتل على يد نظام الأسد وحليفته روسيا.
واليوم ومع تطور وسائل الإعلام والنظم الرقمية وإقرار آليات عالمية لحماية الصحافة والصحفيين في دول العالم مازالت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الصحفيين وحمايتهم بعيدة كل البعد عن إيجاد إطار يحمي الصحفي في سوريا في ظل تراخي المجتمع الدولي عن تفعيل آلية محاسبة حقيقية لكل من يعتدي على الصحفيين وينتهك حرياتهم وحقوقهم.
لم تعد مهنة الصحافة في سوريا آمنة بسبب الانتهاكات المتواصلة ضد الصحفيين على امتداد رقعة البلاد بل أصبحت مهنة الصحافة من أكثر المهن حساسية وخطراً مع غياب قانون واضح يحمي مهنة الصحافة ويحض على تطويرها وتفعليها وإعطاء دور كامل للمساءلة كركيزة ينهض عليها المجتمع.
يفقد الصحفيون في سوريا يوماً بعد أخر الحق في الحصول على المعلومة، والوصول للوثائق مما يسبب ضعفاً بدور الصحافة المستقلة في المجتمع، في الوقت الذي تعمل فيه السلطات على دعم إعلامها الرسمي كمنصة وحيدة يشوبها التضليل وخطاب الكراهية.
تثمن شبكة الإعلاميين السوريين الدور اللافت لليونسكو في دعم حرية الصحافة حول العالم وتخصيص يوم الثالث من أيار/مايو للاحتفال بحرية الصحافة حول العالم وإن اتخاذ شعار “حرية التعبير كسائق لجميع حقوق الإنسان الأخرى” عنواناً عريضاً هذا العام، يدفع الصحفيين أكثر للمغامرة في سبيل التحقق من المعلومات ونشرها وتقديمها للعالم بكل شفافية من أخطر مناطق النزاع في العالم.
مازال الصحفيون في سوريا يقدمون أقصى ما لديهم من إمكانيات لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ونقلها بكل تجرد يدفعهم إلى ذلك الإيمان بسمو ورفعة العمل الصحفي المستقل، البعيد عن التبعية والمبني على الموضوعية والحياد، للوصول إلى مجتمع حرّ مؤمن بحرية الصحافة ودورها في المساءلة وكشف الفساد.
إنّ الصحفيين في سوريا بحاجة ماسة اليوم لتأخذ المنظمات الصحفية العالمية دورها الحقيقي في حماية ودعم العمل الصحفي في بيئة النزاع التي كان ومازال الصحفي هو الحلقة الأضعف بها، إضافة لدور أكبر لتلك المنظمات الداعمة للصحافة المستقلة، لما له من شأن في محاربة التضليل وخطاب الكراهية الذي تنامى خلال سنوات الحرب بدعم واضح من السلطات.